أبو بكر حسين موسى( الموزع )
قبل أفول شمس العهد العثماني في الحجاز درج على ثرى طيبة الطيبة التي أحبها حباً جما فلم يغادرها البتة. إلى جانب تعلمه القراءة والكتابة ، كان رحمه الله تعالى يتحدث اللغة التركية بطلاقة بحكم عمله في إنجاز مصالح الأتراك ، ثم عايش دولة الأشراف التي رحلت سريعاً ، لتشرق على البلاد شمس الدولة السعودية المباركة ، إبانها التحق بإدارة البريد ليعمل في توزيع الرسائل ، وكان محباً للعلم والعلماء وحضوره لحلق العلم بالمسجد النبوي الشريف حيث كان أحد المترددين على حلقه فضيلة الشيخ عمر محمد فلاته رحمه الله. وبحكم عمله في مجال توزيع الرسائل البريدية ومعرفته بأحياء المدينة المنورة ومساكنها التي كان يتجول بها لإيصال الرسائل إلى أصحابها ، كانت بعض الأسر تسند إليه توزيع دعاوي الأفراح والمناسبات. وقد بلغنا من زملائه في العمل أن مدير البريد يومئذ غضب على أحد الموظفين فشتم الموظف شتماً مقذعاً ، فرفع الموظف شكوى إلى المحكمة الشرعية ضد المدير فطلب القاضي من الموظف الشاكي شهوداً على دعواه ؛ فأحجم الكل عن الإدلاء بشهاداتهم ، وشهد أبو بكر بما سمع ودُهش المدير الذي لم يتوقع منه ذلك. بعدها عندما يحدث حادث في البريد ويستدعي الأمر حلاً إدارياً يقول المدير: إذا حضر أبو بكر القضية فشهادته هي الصواب، أنعم الله عليه بثمانية عشر من الأبناء، اثنا عشر من الذكور، وست إناث وبعد بلوغه الستين أحيل إلى المعاش وصفيت حقوقه من إدارة البريد وظل يعمل في العمل ذاته بالأجر المقطوع. وفي عام1387هـ وافاه الأجل المحتوم حيث رحل إلى جوار مولاه رحمه الله وصلي عليه في المسجد النبوي الشريف بإمامة الشيخ عمر محمد فلاته رحمه الله ودفن في بقيع الغرقد.