موجز ترجمة الشيخ/ محمد بن يعقوب بن محمد فلاتة الخياط القصَّّاص السَلَفِي رحمه الله تعالى
ولد الشيخ محمد بن يعقوب الخياط بمكة المكرمة حرسها الله عام 1326هـ.
طلب العلم الشرعي بمكة المكرمة ثم انتقل إلى المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم، وطلب العلم بالمسجد النبوي الشريف حيث حفظ قسماً كبيراً من القرآن الكريم على الشيخ ألفا هاشم رحمه الله، ثم تلقى عليه مبادئ العلوم، ودرس على فضيلة الشيخ محمد الطيب الأنصاري التمبكتي رحمه الله، وواظب على دروس معالي أول وزير للعدل بالمملكة العربية السعودية وعضو هيئة كبار العلماء فضيلة الشيخ محمد بن علي الحركان رحمه الله في كتاب ثلاثة الأصول وكشف الشبهات والعقيدة الواسطية، ومتن الآجرومية في النحو وقطر الندى وبعضاً من ألفية ابن مالك، وبعضاً من كتاب زاد المستقنع في الفقه الحنبلي والرحبية في الفرائض ونيل الأوطار وبعضاً من صحيح البخاري، وقال عنه معالي الشيخ الحركان في تزكيته: (وهو من ذوي العقيدة السلفية والأخلاق الفاضلة والسيرة الحسنة)، كما واظب على دروس الشيخ عبد الرحمن الإفريقي رحمه الله بدار الحديث المدنية في التفسير وسنن ابن ماجه وبلوغ المرام والتقريب للنووي وكتاب التوحيد ومتن قطر الندى.
كان رحمه الله محباً للعلم والعلماء، وكان صديقاً لفضيلة الشيخ عبد العزيز بن صالح (إمام المسجد النبوي الشريف ورئيس محاكم المدينة المنورة)، وفضيلة الشيخ عمر بن محمد فلاتة (المدرس بالمسجد النبوي الشريف والأمين العام للجامعة الإسلامية ومدير دار الحديث)، والشيخ محمد بن علي ثاني (إمام المسجد النبوي الشريف والمدرس بالمسجد النبوي)، والشيخ الدكتور محمد بن أمان الجامي (المدرس بالمسجد النبوي وأستاذ العقيدة بالجامعة الإسلامية)، والشيخ حامد الأفريقي، والشيخ عبد الله نور هوساوي (إمام مسجد الهندي بباب التمار والذي تولى الشيخ محمد يعقوب الخياط إمامته بعد وفاة الشيخ عبد الله نور هوساوي) والشيخ محمد طاهر البرناوي (مؤذن مسجد الهندي ونائب إمام المسجد الأستاذ محمد بن عبد الله نور هوساوي الذي تولى إمامة المسجد بعد وفاة الشيخ محمد يعقوب الخياط) والشيخ محمد بن إبراهيم النعمان، والشيخ محمد النقاوي والشيخ محمد الأشتف، والشيخ عمر بن محمد فلاتة (الخياط) إذ كانا يترافقان سوياً بالسفر إلى مدينة (خيبر) على ظهور الجمال ليبيعا الثياب التي كانا يخيطانها، والأستاذ محمد أحمد عبد الرحمن فلاتة، والشيخ أحمد محمد عبد الرحمن تيجاني والشيخ حسين بن محمد حسين فلاتة (الخياط). وغيرهم كثير رحمهم الله جميعاً.
اشتهر رحمه الله بالأخلاق الفاضلة وحسن التعامل فلا تكاد تسأل عنه شخصاً إلا ويثني على أخلاقه ويمدحه بها، ليّن العريكة، سهل الطبع، حسن المعشر، وقوراً، حشيماً، يرتدي الثوب والغترة البيضاء ويحمل المشلح على يديه أحياناً، غاية في الحنان والعطف، قمة في الأدب، كثير الصبر، كثير الصمت، قليل الكلام إلا فيما ينفع، حصيف الرأي، سديد القول، يُكثر من تلاوة القرآن الكريم خاصة بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس يومياً، وعند خلو دكانه من الزبائن، كثير الشفاعة والسعي في حوائج الناس، كريماً محباً للخير يمازح الأطفال ولا يقول إلا حقاً ولا يكاد دكانه يخلوا من الحلوى ليُتحف بها الأطفال، كما كان ذا قلم سيّال، وتعبير جميل وأسلوب شيق، وذلك عند تحرير المعاريض والخطابات لمن أراد تقديمها للجهات الرسمية.
عُين مقدراً للشجاج (الجراحات) بالمحكمة المستعجلة بالمدينة المنورة في 28 محرم 1374هـ إلى أن أُحيل للتقاعد في 1 رجب 1386هـ، وكان (قافَة) يَقُصُّ الأثر ولذلك اشتهر بالقَصَّاص، واشتهر بالخياط لأنه كان خياطاً قبل تعيينه بالمحكمة الشرعية، وله دكان لخياطة الثياب بشارع العينية على مدخل سوق الحَبَّابَة مقابل سوق البرسيم، وكان بجواره بائع المكسرات العم (عَيَّاد) ثم فتح محلاً لبيع الملابس الجاهزة والبطانيات بباب المجيدي، ثم انتقل إلى دكان آخر بشارع أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، ثم أنشأ بقالة تحت داره الكائنة بباب التمار بجوار مسجد الهندي مقابل بيت الشيخ محمد معلا البرناوي، ويعتبر حي باب التمار حالياً أقرب الأحياء للمسجد النبوي من الناحية الشمالية، ومعظم مباني الحي قد هدمت وأُزيلت.
له من الأولاد (أحمد) وقد عُين مقدراً للشجاج بمحكمة محافظة بدر التابعة للمدينة النبوية في 15 محرم 1387هـ على أن يكلف بالعمل بالمحكمة المستعجلة بالمدينة، وتوفي رحمه الله بعد وفاة والده بسنوات، و(عبد العزيز) و(عبد السلام) و(حامد) و(محمد بلو) الشهير بـ (توفيق) وأربعة من البنات.
ألَّم به المرض فترةً من الزمن، حيث أُصيب بالربو، فأُدخل مستشفى الصدريات بمدينة الطائف لمدة ثلاثة أشهر تقريباً فاستأجر لأهله وأولاده بيتاً في الطائف طيلة فترة علاجه، ثم عاد إلى المدينة النبوية وتوفي بها ضحى يوم الجمعة 9 ربيع الأول 1395هـ وصلي عليه بالمسجد النبوي بعد صلاة العصر من نفس اليوم ودُفن ببقيع الغرقد عن عمر يناهز التاسعة والستين عاماً، وخلَّف مكتبة علمية شرعية أُهديت بعد وفاته إلى إحدى الجهات الخيرية؛ ليستفيد منها طلبة العلم الشرعي، رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.